لا تأخذوا تاريخكم عنهم .. !!!

تستمد الأعمال الفنية التاريخية من أفلام ومسلسلات مادتها من النصوص التاريخية .. ومن المفروض أنها تُخضِع تلك المادة والنصوص لتدقيق تاريخي.
ولكن الكثير من هذه الأعمال لا يراعي الدقة التاريخية ولا يتحرى الحقيقة.
بل لعلنا لا نبالغ إن قلنا أن بعضها يحور الحقيقة ويزيف التاريخ عامداً لأهداف محددة، غالبا ما تكون سياسية.

فكلنا رأى صلاح الدين قومياً عربياً، وخالد بن الوليد يقاتل عصبيةً وحمية للعرب ، وأغلبنا يظن أن القائد عيسى العوام (أحد كبار قادة جيوش صلاح الدين) نصراني المعتقد،وأن قاراقوش ظالم متعسف (وهو من أفضل وأحزم وأعدل قادة صلاح الدين) لما ورد في حق هؤلاء من السرد في بعض الأعمال التاريخية.

وأحد أبرز الأمثلة على الخلط وعدم الدقة هو الصورة النمطية للخليفة العباسي هارون الرشيد الذي يصوَر على أنه خليفة الترف واللهو والجواري.

وإليكم وصفه وترجمته كما وردت في كتاب "عصر الدولتين الأموية والعباسية"، الصادر عن دار البيارق للمؤلف علي محمد محمد الصلابي... وهي مأخوذة عن أمهات كتب التأريخ والسير مثل كتب ابن هشام والطبري وغيرهم:

هارون الرشيد (170-193 ه)
هو هارون بن محمد بن عبدالله بن محمد. كان مولده بالري سنة 148 ه، وكان أبيض طويلاً جميلاً وسيماً يميل إلى السمنة، وكان من أنبل الخلفاء وأحشم الملوك، ذا حج وجهاد وغزو وشجاعة ورأي، وفصاحة وعلم وبصر بأعباء الخلافة، وله نظر جيد في الأدب والفقه.

غزا بلاد الروم وهو صغير السن في خلافة والده، ولما تولى الخلافة كان يغزو عاماً ويحج عاماً، وكان يصلي مائة ركعة في اليوم، ويتصدق بألف صدقة، وكان يحب العلماء ويعظم حرمات الدين، ويبغض الجدل والكلام، ويبكي على نفسه ولهوه وذنوبه لا سيما إذا وعظ.

كان الرشيد إذا حج أحج معه مائة من الفقهاء وأبنائهم، وإن لم يحج أحج ثلاثمئة بالنفقة السابغة والكسوة التامة، وكان توليه الخلافة سنة 170 ه، وتوفي بطوس في جمادى الأخرى سنة 193 ه.

لذا وجب علينا دائماً الحذر وتحري المصادر الصحيحة لفهم تاريخنا ورجاله.

تحيتي واحترامي