القضاء في العهد الإسلامي

القضاء في العهد الإسلامي

لقد جاء الدين الإسلامي الحنيف والشريعة السمحاء التي عالجت كافة مناحي الحياة بالعدل والإنصاف مفصلا في الكتاب والسنة حيث نرى إن الشريعة الإسلامية قد عملت على إسعاد البشرية وحفظ حقوقها .وأمرنا الله عز وجل أن نتقيد بأحكام هذه الشريعة استنادا لقوله/smiles/5983.gif" alt="Sad" longdesc="7" />ثم جعلناك على شريعة من الأمر فاتبعها)صدق الله العظيم-سورة الجاثية أية 18 .

لهذا فقد أقام الإسلام القضاء العادل بين المسلمين وغير المسلمين كما عمل على إصلاح ذات البين من اجل توفير الأمن والطمأنينة وحفظ الأرواح والأعراض والأموال وكان الرسول صلى الله علية وسلم أول قاضي كما كان أول من تولى القضاء في الإسلام حيث أمره الخالق عز وجل إن يحكم بين الناس بالعدل والإنصاف كما جاء في الكتاب العزيز والسنة المشرفة حيث قال سبحانه وتعالى: (إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله ولا تكن للخائنين خصيما واستغفر الله أن الله كان غفورا رحيما ) _ سوره النساء إيه 105 _ 106 ويقول سبحانه عز وجل : ( فاتقوا الله ولصلحوا ذات بينكم وأطيعوا الله ورسوله أن كنتم مؤمنين ) _ سوره الأنفال إيه 1 . وكان على ابن أبي طالب كرم الله وجهه أول من اشتهر بالقضاء إذا قال له الرسول عليه السلام : يا على إذا جلس إليك الخصمان فلا تقضي بينهما حتى تسمع من الأخر كما سمعت من الأول فإنك إن فعلت ذالك تبين لك القضاء ؛ وقد اشتهر الفاروق عمر بن الخطاب باقضاء في عهد أبي بكر رضي الله عنهما بحيث مرت عليه سنتان ولم يأته متخاصمان بما عرف عنه من العزم والشدة * والعدل والأنصاف ، وله المقولة المشهورة رضي الله عنه أحيروا الخصوم إلى الإصلاح فإن القضاء يورث البغضاء .

1_ إما عتاب ابن أسيد فقد تولى القضاء في مكة المكرمة في عهد الرسول عليه السلام

2_ أما في الكوفة فقد تولى شريح بن الحارث الكندي * ونذكر نماذج من قضاء شريح الذي استمر بالقضاء ستين عاما بلا انقطاع في عهد عمر وعثمان وعلي ومعاوية رضي الله عنهم .

1_ قد ابتاع فرسا من إعرابي ونقضه ثمنه ثم امتطاه فلم يمضي به عمر بعيدا حتي ظهر به عيب وعاد إلى الرجل وقال له خذ فرسك فانه معطوب ، فقال الرجل لا أخذه يا أمير المؤمنين وقد بعته لك سليما صحيحا وقال عمر اجعل بيني وبينك حكما فقال الرجل يحكم بيننا شريح ابن الحارث الكندي وقال عمر رضيت به فلما سمع شريح ما قاله الإعرابي التفت إلى عمر وقال هل أخذت الفرس سليما صحيحا يا أمير المؤمنين فقال : نعم فقال له عمر : إذا احتفظ بما اشتريت يا أمير المؤمنين آو رده كما أخذت فنظر عمر آلي شريح معجبا وقال : وهل القضاء إلا هكذا قول فصل وحكم عادل سر إلى الكوفة فقد وليتك قضائها . . . فظل شريح يقضي بعدها ستين عاما بلا انقطاع في عهد كل من عمر وعثمان وعلي ومعاوية رضي الله عنهما حتى اعوفي من القضاء مع مجيء الحجاج ومع بلوغ عمره المئه وسبع سنوات .

2_ حصل أن افتقد على بن أبي طالب في خلافته درعا أثيره عليه فوجدها بيد ذمي يبيعها بالكوفة فتخصما ألي القاضي شريح فقال على وجت درعي هذه مع هذا الرجل وقد سقطت مني في ليله كذا في مكان كذا وهي لم تصل إليه ببيع ولا هبه وقال الذمي : بل هي درعي وفي يدي ولا اتهم أمير المؤمنين بالكذب وطلب شريح من على شاهدين على ادعائه وقال علي نعم مولاي قنبر وولدي الحسن يشهدان لي فقال شريح ولاكن شهادة الابن لآبيه لا تجوز يا أمير المؤمنين فقال علي سبحان الله رجل من أهل الجنة لا تجوز شهادته أما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال الحسن والحسين سيدا شباب الجنة .

فقال شريح : بلا غير إني لا أجيز شهادة الولد لوالده عند ذالك التفت ألي الذمي وقال خذها فليس عندي شاهد غيرهما وقال الذمي ولكني اشهد أن الدرع لك يا أمير المؤمنين وقال يا الله أمير المؤمنين يخاصمني أمام قاضيه وقاضيه يقضي لي عليه اشهد أن لا اله ألا الله واشهد أن محمد رسول الله اعلم أيها القاضي إني اتبعت جيش أمير المؤمنين إلى صفين فسقطت درعه عن جمله الورق فأخذتها فقال على أما وانك أسلمت فإني وهبتها لك ووهبت معها هذا الفرس ولم يمضي زمن طويل حتى شوهد الرجل يقاتل الخوارج في النهر وان تحت راية على ويمعن في القتال حتى استشهد فلله أرك يا علي يا أبا الحسن من نزال عن الحق مثالا للرجال الرجال..ولله درك ياشريح من قادم ورجل دولة لا يخشى في الله لو متلائم.

3-وروي أن ولدا للقاضي شريح كفل رجلا فقبلت كفالتة إلا ئما الرجل فرا هاربا باليد القضاء فسجن ولده بدل الرجل الفار وكان ينقل له الطعام كل يوم إلى سجنه.

4-ومن روائع شريح القاضي أن ابنه استشارة يوما فقال:يا ابنتي أن بيني وبين قوم خصومة فانظر لي فيها فان كان الحق لي قاضيتهم وان كان لهم صالحتهم فلما نظر شريح في قضية ابنة فقال له انطلق فقاضهم فلما مثلو بين يدي شريح في مجلس قضاءه قضي لهم على ولده فلما رجع شريح القاضي وابنه آلي البيت فقال له ابنه فضحتني يا أبتي والله لو لم أستشيرك من قبل لما لمتك فقال القاضي شريح يا بني والله لانت أحب الناس ألي من ملئ الأرض من أمثالهم ولكن الله اعز منك لقد خشيت أن أخبرك أن الحق لهم فتصالحهم صلحا يفوت عليهم بعض حقهم فقلت لك ما قلت… رضي الله عن عمر بن الخطاب فقد زال مفرق القضاء في الإسلام بجوهرة كريمة هي القاضي شريح ذلك المصباح المنير التي لا ذلنا حتى اليوم نقتضي بنوره فقه وعلمه في شرع الله وفي كتب ألفق

5-وهذا الوالي عمر ابن هبيرة يستشير كل من العالم الشعبي والحسن البصري حيث ولاه يزيد بن عبد الملك على العراق وفارس دعا الوالي عمر ابن هبيرة كلا من الحسن البصري سيد التابعين والعالم المعروف الشعبي رضي الله عنهما فقال لهما :أن الخليفة يزيد بن عبد المالك الذي استخلفه الله على عباده واوجب طاعته على الناس ,وقد ولأني يزيد على العراق ثم زاد فولاني فارس ..وهو يراسلني احيانا لتنفيذ ما لا يطمئن لعدالته فهل تجدان لي رخصة في ذلك ؟فأجاب العالم الشعبي جوابا فيه ملاطفة للخليفة ومسايرة للوالي ,والحسن البصري ساكت,فالتفت له الوالي ابن هبيرة وقال :وما تقول أنت يا أبا سعيد ؟فقال :يا ابن هبيرة خف الله في يزيد ولا تخف يزيد في الله:واعلم أن الله عز وجل يمنعك من يزيد ,وان يزيد لا يمنعك من الله .يا ابن هبيرة انه يوشك أن ينزل بك الملك غليظ شديد لا يعصي الله ما بأمره,فيزيلك عن سريرك هذا,وينقلك من سعة قصرك إلى ضيق قبرك حيث لا تجد هناك يزيد..وإنما تجد عملك الذي خالفت به رب يزيد بن عبد الملك وأذاه في الدنيا الآخرة وان تك مع يزيد في معصية الله فان الله يكلك إلى يزيد ..واعلم يا ابن هبيرة انه لاطاعة لمخلوق في معصية الخالق كأننا من كان في معصية الخالق عز وجل ..فمال الوالي ابن هبيره عن الشعبي وبالغ في تكريم الحسن البصري ..فقال الشعبي :والله ما قال الحسن قول اجهله ولكن قد أردت في ما قلت وجه ابن هبيرة واراد الحسن وجه الله فأقصاني من ابن هبيره وأدناه .فأين الرجال من أشباه الرجال علماء السوء موظفي الحكومات الذين باعو اخرتهم بدنيا غيرهم ,ومنوا أنفسهم وحكامهم بجنات النعيم فقد خاب سعي كليهما في الحياة الدنبا فاين هم؟

6-وهذا عبد الله ابن مسعود الصحابي يقول لربيع ابن خيثم التابعي رضي الله عنهما يا أبا يزيد لو رآك رسول الله لأحبك فبكى الربيع مرة على حاله فيقولون له أتبكي وأنت أنت ؟فقال هيهات لما لا ابكي ولقد أدركت قوما يعني الصحابة نحن في جمبهم لصوص وهكذا كانوا.. وألان يأتيك عالم السلطان لكع بن لكع يدعوا الله آن يعز ويؤيد بنصرة ويرحم برحمته من فتح السجون لحملة الدعوة,وصالح اليهود وضرب أمته بجيش أمريكيا وبطش بمن أراد إن يقاتل اليهود وبدا يجادل الناس نيابة عن الحكام لان هؤلاء الحكام خائفين وليسوا خائنين والله عز وجل يقول ):ها انتم هؤلاء جادلتم عنهم في الحياة الدنيا فمن يجادل الله عنهم يوم القيامة أم من يكون عليهم وكيلا )صدق الله العظيم-سورة النساء –أية 109

-تولى علي بن أبي طالب كرم الله وجهة القضاء في اليمن.

-وتولى القضاء في دمشق النعمان بن بشير الأنصاري.

-وتولى القضاء في مصر قيس بن أبي العاص السهمي وكان أول قاض في مصر ونذكر من القضاة المشهورين الذين اشتهروا بالقضاء أبو موسى الأشعري ومعاذ ابن جبل وبكار ابن قتيبة الثقفي واحمد ابن أبي داود رضوان الله عليهم جميعا .

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:–القضاة ثلاثة قاض في الجنة وقاضيان في النار قاض عرف الحق فقضي به فهو بالجنة وقاض عرف الحق فحكم بخلافه فهو بالنار وقاض قضي على جهلا فهو بالنار.

وقال عليه السلام الصلح جائز بين المسلمين إلا صلحا حرم حلالا واحل حراما وقال علي بن أبي طالب كرم الله وجه سمعت رسول الله يقول أن الإصلاح ذات البين أفضل من الصلاة والصوم.

وكانت الشريعة الإسلامية تطبق في جميع مناحي الحياة وعلى المسلمين وغير المسلمين وكان القضاء في العهد الإسلامي قضاء مستقلا لا علاقة للقاضي في أمور الولاية التي كان يتولاها الوالي أو الحاكم الإداري حيث لا يتدخل الوالي في أمر القضاء وشؤونه إذ لا سلطان له على القضاء واستقلاله .

من الجدير بذكره إن مبدأ فصل السلطات كان معمولا به في العهد الإسلامي كما هو عليه الحال اليوم بالإضافة إلى مبدأ استقلال القضاء واستمر العمل على المنهج إلى أن سقطت الخلافة الإسلامية عام 1924 وبدأ القانون الوضعي الغربي يغزو ويطبق بالتدريج بدلا من أحكام الشريعة الإسلامية السمحاء حيث بقية إحكام هذه الشريعة مطبقة في الأحوال الشخصية وفي بعض الأمور مثل بعض البيوع وغيرها فقد مزقت الأمة الإسلامية وغازتها الثقافة الغربية حيث كانت السبب في ما لحقنا من ويلات ودمار واحتلال واستعمار لا زلنا نعاني منه حتى ألان.